برنامج "نبض" يهدف الى دعم الفنانين والمنظمات الفنية
مديرة البرنامج الدكتورة باميلا شرابيه: ندعو الفنانين في لبنان للمشاركة في المعرض الافتراضي الذي أطلقناه ابتداء من شهر شباط المقبل
لطالما كانت الفنون مصاحبة للانسان في الأوقات كافة، وكانت الوسيلة لتسجيل مختلف الحضارات، اذ كان الفن يمسح عن الروح غبار الحياة اليومية كما قال “بابلو بيكاسو”، فماذا يمكن أن يفعل الفن في زمن الـ”كورونا”؟ لقد ظهر دور الفن جلياً خلال الجائحة، حيث حرص الكثير من الفنانين على المشاركة في التعبير عن حياة الانسان، كما كان دور الفن دائماً. وفي زمن تزداد فيه الأخطار والأزمات يمكن للفن أن يكون مصدر الهام للفنان والمبدع لتعزيز الصمود والتأثير في مجتمعه حيال ما يعتريه من محن. ولأن فيروس “كورونا المستجد” غيّر حياتنا وحبسنا في بيوتنا ولكن هذا لا يمنع الانسان من أن يبدع ويبتكر، اذ أطلق برنامج “Nabad.art” “نبض” دعوة للفنانين في لبنان ليشاركوا في معرض افتراضي غير هادف الى الربح في هذا المعرض في شهر شباط (فبراير) 2021، وهذه الدعوة متاحة على صفحة “نبض”. وتجدر الاشارة الى أن “نبض” هو برنامج مبتكر لكلية دار الكلمة للفنون والثقافة في نطاق التدخل والتوعية والتمكين الفني وانشاء المحتوى في الفنون والثقافة، تم اطلاقه رداً على تفجير مرفأ بيروت في شهر آب (أغسطس) 2020 ويهدف الى دعم فنانين ومنظمات فنية ومؤسسات ابداعية صغيرة في لبنان ومنطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا لتنفيذ أفكارهم ومشاريعهم الفنية والثقافية وتسويق أعمالهم الفنية. وقد تأسست كلية دار الكلمة الجامعية عام 2006 في بيت لحم – فلسطين. هذه الجامعة هي أول مؤسسة للتعليم العالي في فلسطين تركز على الفنون البصرية، والأدائية، والتراث الثقافي. استناداً الى خبرتها التي اكتسبتها على مدار 15 عاماً، افتتحت دار الكلمة في العام 2019 مركز تعليمي للفنون في غزة، وفي العام 2020 برنامج “نبض” في بيروت التي تتلخص أهدافه بما يلي: تمكين أصوات فنية ناشئة ومهمشة، دعم منظمات غير حكومية للفنون المحلية والمؤسسات الابداعية، تعزيز فرص العمل المرتبطة بالفن، انشاء محتوى نوعي للفنون والثقافة من أجل التوعية، وبناء شبكات ثقافية.
من جهته يعتبر رئيس جامعة دار الكلمة في بيت لحم الدكتور متري الراهب أن “نبض” هو مشروع ريادي يهدف الى خلق منصة للابداع الفني في منطقة مأزومة وتمكين الطبقة المبدعة من الشباب في غرب آسيا وشمال أفريقيا للولوج الى العالم الكبير وقال: في منطقة قسمها الاستعمار لخدمة مصالحه، ارتأينا في جامعة دار الكلمة في فلسطين ان تقدم ولو الشيء اليسير للبنان الشقيق وبيروت الحبيبة من
الخبرة التي جمعناها عبر سنوات الانتفاضة حيث تعلمنا أن لا خيار لنا في زمن الدمار الا الابتكار.
وكانت قد أوضحت مديرة البرنامج الدكتورة باميلا شرابيه ومنسقة المشاريع الأنسة رولا صليبي أن برنامج “نبض” هو موجة متولدة في قلب الفنون المحلية والاقليمية والحياة الثقافية، ودافع حيوي للأمل والتحول الاجتماعي وسط الحروب والدمار والأزمات وانعدام الاستقرار.
الدكتورة باميلا شرابيه ورحلتها مع الفنون
ولنعرف أكثر عن برنامج “نبض” والهدف منه وعن أهمية اطلاق المعرض الافتراضي في زمن الأزمات وجائحة الـ”كورونا” سألنا الدكتورة باميلا شرابية وهي لبنانية وكندية حائزة شهادة الدكتوراه في علوم الأديان من (جامعة مونتريال، كندا)، وفنانة تشكيلية وباحثة، ناشطة وأستاذة جامعية:
* كيف بدأت رحلتك مع الفنون؟
– بدأت رحلتي مع الفنون من خلال الموسيقى والغناء وبرسم وترميم الأيقونات. ثم طوّرت أسلوبي الفني المرئي الذي يعكس رحلتي على مفترق
طرق البلدان التي عشت فيها، والثقافات التي تشكل هويتي، وخبراتي الشخصية مع المعاناة والموت ولكن أيضاً من العيش المشترك والتضامن، ونشاطي من أجل السلام وحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية. لقد عرضت أعمالي الفنية في لبنان والامارات العربية المتحدة وكندا وايطاليا. ونظمت عدداً لا يُحصى من ورش العمل الفنية، وقمت بتدريس دورات في تاريخ الفن، ونشرت كتباً ومقالات وشاركت في مؤتمرات فنية دولية. وقد تطوّر فني مع مرور الوقت لكن اطار العمل والهدف لا يزالان على حالهما: كيف يمكننا فردياً وجماعياً، معالجة صدمات الحرب، وكيف يمكننا بناء مجتمعات شاملة ومسالمة؟ برأيي المتواضع يمكن للفنون والثقافة أن تساعدنا بتحقيق هذا الهدف.
برنامج نبض يساهم بتغيير المجتمع نحو الأفضل
* كيف انطلق برنامج “نبض” ولماذا؟
– برنامج “نبض” هو برنامج جديد وفريد من نوعه يركّز على التوعية الفنية والتدخل الفني والتمكين الفني وانتاج المحتوى الفني. تم اطلاق برنامج نبض من قبل جامعة دار الكلمة للفنون والثقافة – بيت لحم، فلسطين- في أعقاب تفجيرات 4 آب (أغسطس) في مرفأ بيروت، ويوجد فريقه الأساسي في بيروت، حيث أعمل كمديرة البرنامج، وتعمل السيدة رولا صليبي وهي مصممة مجوهرات ومديرة فنية كمنسقة المشاريع. لقد اتصل بي رئيس الجامعة القس الدكتور متري الراهب وهو زميل وصديق اذ كنت قد تعاونت معه لأكثر من 10 سنوات في الكثير من المشاريع الأكاديمية بعد فترة وجيزة من انفجار مرفأ بيروت، وقدّم لي فرصة لبناء برنامج شامل
يمكن أن يصبح نبض في قلب الفنون المحلية والاقليمية والحياة الثقافية، ويساهم في تغيير المجتمع للأفضل.
“نبض” يدعم الفنانين والمنظمات الفنية
* يهدف البرنامج الى دعم فنانين ومنظمات فنية ومؤسسات ابداعية صغيرة في لبنان ومنطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا، فهل استطاع البرنامج أن يحقق هدف البرنامج في لبنان؟
– يشمل برنامج “نبض” العديد من المشاريع التي تدعم الفنانين والمؤسسات الابداعية الصغيرة والمنظمات غير الحكومية للفنون 2020 – 2021 في لبنان، ويهدف الى أن يصبح برنامجاً اقليمياً ابتداءً من العام 2022. ويدعم على سبيل المثال منظمة “Meadows” غير الحكومية في تنظيم ورش عمل للعلاج بالفن للممرضات والممرضين في المركز الطبي الجامعي في مستشفى القديس جاورجيوس الذين أُصيبوا بصدمات نفسية من جراء انفجار مرفأ بيروت، ومنظمة “Haven for Artists” غير الحكومية لتنظيم معرض حول النساء الصامدات في بيروت في شوارع الجميزة ومار مخايل، و”Beirut Jam Sessions” في تنظيم سلسلة من 12 حفلة موسيقية مع موسيقيين وفنانين محليين، في أماكن ثقافية في المدينة، و”Plan Bey” من خلال المشاركة في تمويل نشر كتاب عن التراث المعماري والذاكرة الثقافية في بيروت.
الفنون في زمن الأزمات والجائحة
* ما أهمية الفنون في زمن الأزمات خصوصاً في ظل وباء الـ”كورونا “، حيث انقلبت حياتنا رأساً على عقب وتغيّر نمط حياتنا؟
– على الرغم من وجود عدد لا يُحصى من الفنانين والمؤسسات الابداعية في لبنان، الا أن الأزمة الاجتماعية والاقتصادية ووباء كورونا وانفجار مرفأ بيروت أثرت سلباً على انتاج الفنون والثقافة وابرازها. بقاء بيروت واعادة اعمارها أكثر من أي وقت مضى هما بقاء ومقاومة وصمود تنوع الأصوات والممارسات الابداعية. وهذا يعني أيضاً ظهور وتمكين الأصوات المهمشة التي تلعب دوراً مهماً في دعم المجتمعات المحلية، وتساعد على زيادة الوعي بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والبيئية الملحة، ومعالجة الجروح.
* يطلق برنامج “نبض” معرض “Arleb” الافتراضي غير الهادف للربح للفنانين في شهر شباط (فبراير) المقبل فكيف انطلقت هذه الفكرة؟ وما هي شروط الاشتراك في هذا المعرض؟
– سيطلق “نبض” خلال الاسبوع الأول من شباط (فبراير) 2021 منصة الكترونية ومعرض افتراضي لا يبغي الربح، بعنوان: “Arleb arleb.org” طوّرتها وكالة التسويق الدولية “SPRKL” في مقرها في بيروت “https:\\sprkl.co”، وتضم فريقاً رائعاً من مطوري تكنولوجيا المعلومات والرسامين ومصممي الغرافيك ومنتجي الفيديو اللبنانيين. ستعرض “Arleb” مجاناً الأعمال الفنية لفنانين محليين مختارين سواءً كانوا راسخين او ناشئين. تتوافر دعوة للفنانين على صفحة نبض حتى 30 كانون الثاني (يناير) الجاري ، لكننا قمنا بتنسيق المعرض واخترنا معظم الأعمال الفنية التي سيتم عرضها. سيُقام المعرض في الفترة من شباط (فبراير) الى نيسان (أبريل) 2021، وسيكون الجمهور المستهدف الرئيسي في أميركا الشمالية لمساعدة هؤلاء الفنانين على بيع أعمالهم الفنية خارج لبنان.
الفنون تبني الجسور وتبعث الأمل وكتاب “نداء بيروت“
* في ظل الظروف القاسية التي يمر بها لبنان على جميع الصعد سواءً مع انتشار فيروس “كورونا” والوفيات وقبلها انفجار مرفأ بيروت فالى أي مدى أصبح العلاج بالفن ضرورياً؟ وكيف يمكن للفن أن يعالج النفوس؟
– نحتاج جميعاً الى التذكير في هذه الأوقات الصعبة بأن الفن يمكنه بناء الجسور عبر الاختلافات، وأن ينقل رسائل المقاومة الثقافية والصمود والأمل، وأنه يساعد في التئام الجروح، وخصوصاً معالجة اضطرابات متلازمة ما بعد الصدمة. ومن هنا تأتي أهمية العلاج بالفن الذي يستخدم وسائل ابداعية مثل الرسم والنحت والدراما ورواية القصص والموسيقى لمعالجة الأحداث الصادمة. يعد التعبير الفني وسيلة لاحتواء التجربة المرعبة للصدمة بشكل آمن وخلق فصل عنها.
* هل يحضر برنامج (نبض) مشاريع أخرى؟ وما هي؟
– ستصدر جامعة دار الكلمة من خلال برنامج “نبض” كتاباً في فصل الربيع 2021، وستتم طباعته وتوزيعه بواسطة “Elyssar” في ريدلاندز- الولايات المتحدة الأميركية. الكتاب بعنوان “نداء بيروت” حول تسخير الابداع للتغيير في بيروت، وسيجمع مساهمات من الكثير من المؤلفين والفنانين الذين يعيشون في لبنان وفي مجتمعات الشتات. ويجمع الكتاب بين الأفراد الذين يفكرون ويفعلون ويبدعون لالهام وتوصيل مناهج متنوعة في مواجهة الحروب والأزمات وعدم الاستقرار واليأس، أفراد يتجهون الى الفنون والثقافة كوسيلة لاشراك الجماهير من خلال الروابط العميقة والعاطفية لاحداث التغيير، والذين يشعرون بشغف تجاهها. وستساعد عائدات الكتاب أيضاً برنامج “نبض” في دعم مبادرات فنية وثقافية في لبنان.